«اِحْفَظْنِي يَا اَللهُ لأَنِّي عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ» ( مز 16: 1 )
اتكالك على الله: ما أشد اتكالك على الله يا ابن الله! بدأته قبل دخولك إلى العالم «عَلَيْكَ أُلْقِيتُ مِنَ الرَّحِمِ. مِنْ بَطْنِ أُمِّي أَنْتَ إِلهِي» ( مز 22: 10 )، تمسكت به طيلة حياتك؛ فقضيت لياليك صلاة، معلنًا كلية اتكالك على إلهك، يا سَيِّدي. وما أروعها نماذج اتكالك! في مؤخرة السفينة نائمًا، على إلهك مُتوَّكلاً، والريح عاصفة، والبحر هائج، والكل لا يزعجك! لما وبخت المدن التي عاينت أكثر قواتك، ولم تتب، لم يهتز اتكالك على الله، بل ازداد، فنسمعك حامدًا إياه: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ» ( مت 11: 25 ). ما أمجدها ثقتك في الله قُبيل الصليب؛ معلنًا إياها للأجيال: «أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟» ( مت 26: 53 ). وعلى الصليب ما أشدها الثقة فيه؛ «إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟»! ومن جهة القبر والقيامة «لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَادًا» ( مز 16: 10 ). طوباك يا ابن الإنسان مُتوَّكلاً على إلهك!
ابن الإنسان: طوباك شاعرًا باحتياجك الشديد لله، فصار مُتكلك الوحيد، وغرض إيمانك. وصار اتكالك على الله، طابع حياتك، وقوتها ومجدها. شبعت بالشركة معه، فوجدت فيها ثقتك وسرورك ورجاك. لم تبرح أقداس الصلاة، ففاحت منك الفضائل الكهنوتية كلها، صاعدة للآب. وعبير قرابين أعمالك وأقوالك، وأفكارك، عطَّر السماء. أيها المتكل الأعظم على الله، المُقيم في الأقداس.
إيمانك: جاهدت الجهاد المرتبط بحياة الإيمان، وغلبت الغلبة التامة. أبدأت الإيمان وأكملته. إيمانك ذهب خالص؛ إذا امتُحِنَ بالنار بقي كما هو؛ ليس فيه زغل، أو عدم صبر أو محبة ذات أو تذمر؛ فلا احتياج له لتنقية. في الأحزان جاهدت بالدم والدموع، وللآب خضعت بالتمام. ما أكملها حياة إيمان ابن الإنسان!
الكاتب: أشرف يوسف
تم تحميل محتوى هذه الصفحة بالتعاون مع موقع طعام و تعزية