الرُّوحِ الْقُدُسُ والَنَارُ

«هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ» ( مت 3: 11 )

كان يوحنا المعمدان هو السابق والمُمهِّد للطريق أمام الرب يسوع؛ ذلك العظيم الآتي الذي سيُميِّز بين الناس بكل دقة، فيفصل القمح عن التبن. هؤلاء (القمح) سيُعمدهم بالروح القدس، وأولئك (التبن) سيحرقه بنار الدينونة، وهذا المصير أبدي، لأنها «نَار لاَ تُطْفَأُ» (ع12). وكلمات المعمدان هذه ستتم في المُلك الألفي. عندئذٍ سينسكب الروح على كل ذي جسد، وليس اليهود فقط؛ أقصد على كل المفديين. ومن الجانب الآخر، سيُطرح الأشرار في نار أبدية. وإلى أن يتحقق هذا حدث إتمام مُسبق لمعمودية الروح، عند تأسيس الكنيسة. ويكشف السياق هنا بشكل قاطع أن «النار» هي إشارة للدينونة، وليس لألسنة النار في يوم الخمسين، ولا لأي إجراء للبركة مُماثل. وعندما أزمع يسوع أن يبدأ خدمته، بدأ بأن أتى إلى يوحنا ليعتمد، هذا بالرغم من الاعتراض الذي أبداه يوحنا. هذا الاعتراض أفاد في إظهار المبدأ الذي يتصرف الرب بناءً عليه، أنه يُكمِّل كل بِرّ. لم يكن لديه خطايا ليعترف بها، ولكنه لأنه أخذ مكان الإنسان، كان من الصواب أن يضم نفسه إلى الأبرار، الذين كانوا بذلك (بمعمودية التوبة) يأخذون مكانهم الصحيح أمام الله. وقد فعل رجال الله في القديم الشيء نفسه من حيث المبدأ. فعزرا ودانيال، على سبيل المثال، اعترفوا بالخطايا (خطايا الشعب) كأنها خطاياهم، مع أن نصيبهم فيها كان صغيرًا جدًا. وهنا أمامنا ذاك الذي بلا خطية، يُكمِّل كل بِرّ، ولئلا يتبادر فكر خاطئ إلى أي واحد، انفتحت السماء له، وهو أول ظهور عظيم للثالوث الأقدس؛ فالصوت من السماء (صوت الآب) يعلن «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» (ع17). و«رُوحَ اللهِ (الروح القدس) نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ» (ع16) (أي على الابن)، ذاك الذي سيُعمِّد الآخرين بالروح القدس.

الكاتب: ف. ب. هول

تم تحميل محتوى هذه الصفحة بالتعاون مع موقع طعام و تعزية