لاَ فَرْقَ!

«وَاللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ كَانَا يُعَيِّرَانِهِ» ( مر 15: 32 )

من العبث أن يُحاول أحد إيجاد تمييز بين اللصين اللذين صُلبا مع الرب يسوع، حيث قد ثبت أنهما متساويان في طبيعتهما وفي جُرمهما وشرّهما؛ نعم لم يوجد أي فرق بينهما إلى تلك اللحظة التي وصلت فيها سهام الشعور بالذنب إلى أحدهما الذي نُسميه اللص التائب، وهذا ما يُظهر لنا جمال لمعان نعمة الله «لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ»، ومن الجهة الأخرى «لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ ... لأَنَّ رَبًّا وَاحِدًا لِلْجَمِيعِ، غَنِيًّا لِجَمِيعِ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِهِ» ( رو 3: 22 ، 23؛ 10: 12). من ثم نرى لمعان نعمة الله الظاهر في خلاص اللص المُعلَّق على الصليب، لأنه واضح أنه لم يكن لديه أعمال صالحة ليعتمد عليها، ولم يكن يعرف شيئًا عن المعمودية أو العشاء الرباني، ولم يؤدِ شيئًا من الطقوس والفرائض الدينية. وبالإجمال كان بائسًا بلا رجاء من جهة نفسه، إذ لم يكن يمكنه أن يعمل شيئًا بعد أن صُلبَ على الصليب، ولم تبق فائدة للكلام معه عن الأعمال، لأن يديه وقت أن كانتا طليقتين كانتا تمتدان إلى أعمال الإثم والفجور، والآن أصبحتا مُثبتتين في الخشبة لا تقويان على عمل ما؛ ورجليه وقت أن كانتا متحركتين كانتا تسعَيان في طريق الشر والإجرام، والآن أصبحتا مُثبتتين في الخشبة، لا تستطيعان أن تحملاه إلى هنا أو هناك. ونلاحظ أن هذا اللص المسكين مع أنه فقد حرية استعمال يديه ورجليه التي تتطلَّبها ديانة الأعمال، إلا أنه لم يفقد حرية استعمال قلبه ولسانه التي يتطلَّبها الإيمان «لأَنَّ الْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، وَالْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلاَصِ» ( رو 10: 10 ). هذا هو طريق السماء - طريق مرصوف بالمحبة ومرشوش بالدم – تسير فيه جماعة مقدسة من العُبَّاد الحقيقيين مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ!

الكاتب: ماكنتوش

تم تحميل محتوى هذه الصفحة بالتعاون مع موقع طعام و تعزية