« فَنَزَلَ وَغَطَسَ فِي الأُرْدُنِّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، حَسَبَ قَوْلِ رَجُلِ اللهِ» ( 2مل 5: 14 )
كان منحنى التَّعْلُم حادًا بالنسبة لنُعْمَان منذ أن غادر أرام للسفر إلى السامرة. وكانت إحدى مميزاته الحسنة هي قدرته على الاستماع إلى نصائح الآخرين السليمة، وهذا ما حدث عندما اتخذ قرارًا غير حكيم في خضم اللحظة «وَرَجَعَ وَمَضَى بِغَيْظٍ» (ع12). ويبدو أنه كان يتمتع بعلاقات جيدة مع عبيده. وفي هذا الموقف أشاروا إليه بلقب “أَبَانَا”، ولم يُظهروا أي خوف في الاقتراب منه بمشورة حكيمة: «فَتَقَدَّمَ عَبِيدُهُ وَكَلَّمُوهُ وَقَالُوا: يَا أَبَانَا، لَوْ قَالَ لَكَ النَّبِيُّ أَمْرًا عَظِيمًا، أَمَا كُنْتَ تَعْمَلُهُ؟ فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِذْ قَالَ لَكَ: اغْتَسِلْ وَاطْهُرْ؟» (ع13). وكشفت أسئلتهم عن جوهر المسألة الحقيقي. ما أمره أليشع بالقيام به كان بسيطًا جدًا ومتواضعًا بالنسبة لمثل هذا الرجل العظيم، الذي كان يثق في قدرته على وضع استراتيجيات لهزيمة أعدائه. وما كان مطلوبًا منه يبدو في نظر الناس جهالة، كما يبدو التبشير بالصليب في نظر حكماء هذا الدهر جهالة. ففي يومنا هذا يسخر الناس من رسالة الخلاص التي تبدو بسيطة: «التَّوْبَةِ إِلَى اللهِ وَالإِيمَانِ الَّذِي بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» ( أع 20: 21 ). إنهم يختارون التمرد والرفض، بدلاً من الخضوع للأمر.
وهكذا ارتقى نُعْمَانُ في نهاية المطاف إلى المستوى المطلوب، وقَبِلَ الدعوة إلى الطاعة: «فَنَزَلَ وَغَطَسَ فِي الأُرْدُنِّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، حَسَبَ قَوْلِ رَجُلِ اللهِ» (ع14). لم يَطهُر حتى أطاع بالكامل، وغطس في الأردن سبع مرات «فَرَجَعَ لَحْمُهُ كَلَحْمِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ وَطَهُرَ» (ع14). لم يكن بالطبع ماء الأردن هو الذي جعله طاهرًا، بل طاعته لكلمة الرب من خلال أليشع. والرقم “سبعة” يرتبط بفكرة الكمال الإلهي، ويظهر عدة مرات في الطقوس المرتبطة بتطهير الأَبْرَصِ قديمًا؛ فمثلاً: «وَيَنْضِحُ (الْكَاهِنُ) عَلَى الْمُتَطَهِّرِ مِنَ الْبَرَصِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَيُطَهِّرُهُ» ( لا 14: 7 ).
الكاتب: س. ت. لاسي
تم تحميل محتوى هذه الصفحة بالتعاون مع موقع طعام و تعزية