مَوْتُ الصَّلِيبِ

«فَتَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ أَنَّهُ مَاتَ كَذَا سَرِيعًا» ( مر 15: 44 )

كان من أبرز مظاهر عقوبة الصلب، إطالة العذاب عمدًا، حتى إن الضحية كانت تقضي نَحبها بعد يوم كامل، وأحيانًا بعد يومين أو ثلاثة أيام، يذوق فيها المصلوب المسكين ألوانًا من الضيق المُرّ والألم المُبرِح بسبب التهاب جروح اليدين والرجلين، وبسبب الوضع المُتعب غير الطبيعي، وبسبب العطش الشديد المتزايد. أما يسوع المسيح فلم يمكث طويلاً، لقد مات بعد نحو ست ساعات؛ فإن آلام المسيح الحقيقية لم تكن هي التي حاقَت بجسده. إنها آلام نفسه في الداخل. على ذلك الوجه انطبعت كآبة أعمق بكثير من تلك التي تُنشئها جروح دامية أو عطش شديد أو هيكل مُحطَّم. إنها كآبة نفس مُحِبة أُحتُقرت محبتها. إنها كآبة قلب وَدود سحقته العداوة. كآبة نفس كريمة هانت على الناس فأهانوها مُخطئين. كآبة قلب يذوب حزنًا على مصير أولئك الذين لا يريدون خلاص أنفسهم ... بل حتى هذا كله لم يكن كل شيء. لقد ملأ الفادي حزن يجلْ عن الوصف، وتعجز لغة البشر عن تبيانه. إنه كان يموت مِن أجل خطية العالم. إنه حَمَل في نفسه مذنوبية الجنس البشري. وها هو الآن في آخر مراحل الحرب الضروس ليُصفي حسابها، ويُبطِلها إلى الأبد. وعلى الصليب لم يكن مُعلقًا فقط جسده الذي من لحم ودم، بل في الوقت نفسه كان هناك أيضًا جميع المؤمنين به، لكي تنتهي نسبتهم إلى آدم الترابي، ومنهم جميعًا أخذ الموت حقوقه. مع المسيح صُلب المؤمنون به، وماتوا عن الخطية، لكي يحيوا لله إلى أبد الآبدين. هذا هو سر المشهد، بل هو أيضًا مجده. وحتى اللحظة التي صُلب فيها الرب يسوع كان الصليب رمزًا للعبودية والإثم، فانقلب بعد ذلك إلى رمز للبطولة والتضحية والخلاص. منذ ذلك التاريخ والمؤمنون يفخرون بالصليب.

الكاتب: جيمس ستوكر

تم تحميل محتوى هذه الصفحة بالتعاون مع موقع طعام و تعزية