آكِلُ خُبْزِي!

«آكِلُ خُبْزِي، رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ! » ( مز 41: 9 )

في عشاء الفصح الأخير في العُلِّيَّة، حاول الرب يسوع أن يُبرهن ليهوذا أنه مع معرفته بكل شيء، فإنه لا يزال يُحبه. ولقد كانت العادة لدى اليهود أن يغمس الشخص لقمة في الصحفة المشتركة، ويعطيها لضيف الشرف في الوليمة، علامة على المحبة الخاصة والتقدير. ولهذا فإن الرب عندما غمس اللقمة وأعطاها ليهوذا، كان الرب قد أجاب على سؤال يوحنا: «يَا سَيِّدُ (يا رب)، مَنْ هُوَ؟»، بالقول: «هُوَ ذَاكَ الَّذِي أَغْمِسُ أَنَا اللُّقْمَةَ وَأُعْطِيهِ!» ( يو 13: 25 ، 26). إلا أن الرب لم يُعط اللقمة، رمز المحبة، كعلامة ليوحنا فقط، ولكنه رغب في أن يؤكد ليهوذا أنه بالرغم من معرفته الكاملة، إلا أن قلبه ما يزال مملوءًا بالحب له. وقصد الرب بهذه الوخزة أن يستيقظ ضمير يهوذا النائم. ولم يكن أمام يهوذا الخائن سوى فرصة واحدة باقية؛ هذه الفرصة هي أن يتجاوب مع محبة المُخلِّص، ويُواجه نفسه بصراحة، ويدرك الخطية التي سقط فيها، ثم يطلب غفران الرب ورضاه. ولكن طالت مقاومة الإسخريوطي حتى انتهى به الأمر إلى حالة من العصيان والقساوة، جعلته يسلِّم نفسه بكبرياء وغرور للشيطان «فَبَعْدَ اللُّقْمَةِ دَخَلَهُ الشَّيْطَانُ» ( يو 13: 27 ). عندما تسطع الشمس على بركة ماء راكدة، فإن أشعتها، التي تُبهج الخليقة، تُخرج من البركة رائحتها المنفّرة، التي لولا هذه الأشعة لظلت كامنة حبيسة. وهكذا محبة الله، فهي دائمًا رائحة حياة لحياة، أو رائحة موت لموت. وإذ أغلق يهوذا قلبه بإصرار دون المُخلِّص ومحبته، فتحه للشيطان. عند ذلك الحد صدر الحكم على يهوذا بتركه يعمل. وهكذا أسلمه الرب إلى شهوة نفسه، وإلى الحفرة التي حفرها لنفسه، ولذلك قال له الرب: «مَا أَنْتَ تَعْمَلُهُ فَاعْمَلْهُ بِأَكْثَرِ سُرْعَةٍ» ( يو 13: 27 ).

الكاتب: فايز فؤاد

تم تحميل محتوى هذه الصفحة بالتعاون مع موقع طعام و تعزية