إِيزَابَلُ وهِيرُودِيَّا

«فَحَنِقَتْ هِيرُودِيَّا عَلَيْهِ، وَأَرَادَتْ أَنْ تَقْتُلَهُ وَلَمْ تَقْدِرْ» ( مر 6: 19 )

لقد وبَّخ يوحنا المعمدان الكتبة والفريسيين والصدوقيين، لكنه أيضًا وبَّخ هيرودس الملك ( لو 3: 19 ). وشجاعة يوحنا المعمدان تُذكرنا بشجاعة رجل الله إيليا. فكما وبَّخ إيليا أخآب وإيزابل ( 1مل 18: 18 ؛ 21: 23)، هكذا وبَّخ يوحنا المعمدان هيرودس وهيروديا. لقد كان هيرودس الملك شريرًا وضعيفًا، وكانت هيروديا شريرة ومُفترية. وهما معًا يُذكراننا بأخآب وإيزابل. وإن كانت إيزابل فشلت في قتل إيليا، فقد نجحت هيروديا مع المعمدان. لكن الحساب العسير ينتظرها في اليوم الأخير. لقد حنقت هيروديا الشريرة على يوحنا المعمدان، وأرادت قتله ( مر 6: 19 )، لكن الملك هيرودس اكتفى بوضعه في السجن. ظانًا أنه بأسلوبه الثعلبي سيُمكنه الاحتفاظ بكل من هيروديا ويوحنا. هيروديا الآثمة في القصر، ويوحنا رجل الله في السجن! ولكنها خطية شنيعة أن يتم حبس واعظ البر والحق والطهر في سرداب مظلم!. ويا له من تباين صارخ بين حفلات المجون والملذات والمسرات العالمية التي امتلأ بها قصر الملك؛ والتعذيب البطيء الذي تعيَّن على روح المعمدان النبيلة أن تتحمله لشهور متواصلة مضنية! والشيء اللافت للنظر أن الوحي لم يعتبر هيروديا زوجة لهيرودس الشرير، بل ما زال يدعوها “امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ”. فواضح أن الله لم يعترف بالطلاق الذي تم، ولا بالزواج الجديد الذي حدث. وهو درس خطير لمن يُبيح الطلاق لغير علة الزنا، وبالتالي إعادة الزواج، ضاربًا عرض الحائط بتعليم الكتاب المقدس. إنها عيشة زنا، وبلغة المعمدان: «لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ». فمن ذا الذي يقبل أن يعيش عيشة زوجية مع امرأة لا تحلُّ له؟ إنها ليست فعلة طائشة، بل عيشة طائشة!

الكاتب: يوسف رياض

تم تحميل محتوى هذه الصفحة بالتعاون مع موقع طعام و تعزية