«لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ» ( لو 2: 7 )
في قصةِ الميلاد صورٌ عجيبة ومتباينة، فبينما نرى جوقاتِ الملائكة تبشر الرعاة بفرحٍ عظيم بقدوم المسيح، وتشدو مسبـــِّحة بأناشيدها العذبة، نجدُ الأبوابَ في بيتَ لحم توصَدُ أمام الطفل الوليد القادم وأمِّه العذراءِ المطوبة مريم، فيولدُ في مذود، إذ لم يكن له موضعٌ في المنزل. وبينما نرى الرعاةَ يُهرَعون إلى بيتَ لحم ليجدوا الطفل الوليدَ في المذود، فيمجدون اللهَ ويسبحونه على كلِ ما سمعوه ورأوه؛ وبينما لاحقًا نجدُ المجوس يقطعون المسافاتِ الشاسعة ليقفوا عند مهد المسيح المنتظر، ويُقدّموا له هدايا: ذهبًا ولبانًا ومرًا، نجد هيرودسَ يبحثَ عن الصبي يسوع ليقتلَه.
هذه الصورةُ القديمة للمواقف المتباينة من المسيح لم تتغيرْ في عالمنا حتى اليوم. وقد يحاول البعض أن ينكرَ هذه الحقيقة، ويتصورَ أن عالمَنا قد تغيَّر، ولم يعدْ جاهلاً أو متجاهلاً مكانةَ المسيح. وقد يتصورُ البعض أن مظاهرَ الاحتفال بميلاد المسيح التي تسود العالم كل عام، هي اعترافٌ بسلطانه، وخشوعٌ لجلاله. ولكن دعنا نسأل أنفسنا بإخلاص: هل مضى الوقت الذي كان فيه يسوع المسيح غريبًا على أعتاب فندقٍ قديم في بيتَ لحم، لا يجدُ لنفسه فيه مكانًا ليُولَد؟ هل زالت الظروفُ التي كان فيها المسيح مطارَدًا من هيرودسَ، وهو بعدُ طفلٌ صغير؟ الواقعُ أننا إذا ما أزحنا الستار عما يجول في بواطنِ النفوس، وأزلنا عنها ثيابَ المظاهر، لوجدنا أن عالمَ اليوم هو نفسُه عالمُ الأمس، وأن المسيحَ لا يزال في عالمنا لا يجدُ أين يـــُسنِدُ رأسَه، ولست أقصد هنا من يقاومون المسيح علنًا وجهارًا فحسب، بل حتى من ينتمون شكلاً إلى المسيح، فهم لا يكرمون المسيح.
فهل فتحت قلبك للمسيح؟ وهل قبلته ربًا ومخلصًا لحياتك؟ وهل صار قلبك له العرش المريح؟
الكاتب: عياد ظريف
تم تحميل محتوى هذه الصفحة بالتعاون مع موقع طعام و تعزية