«يَا سَيِّدُ، لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي» ( مت 8: 8 )
إن إجابة “قَائِدُ الْمِئَةِ” الذي من كَفْرَنَاحُوم، للمسيح أظهرت مقدار تواضعه. وبحسب إنجيل لوقا قال: «لَمْ أَحْسِبْ نَفْسِي أَهْلاً أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ» ( لو 7: 7 ). وحتى لو قال الناس عنه إنه مستحق ( لو 7: 4 )، فهو لا يرى في نفسه ذلك. وهو أمر مدهش فعلاً أن يمتلك هذا الرجل مثل هذا التواضع، فمع أنه رجل عسكري، ومن الرومان الذين كانوا يستعبدون اليهود في ذلك الوقت، وهذا كان كافيًا لأن يجعله ينظر لكل إنسان يهودي نظرة التعالي والاحتقار، إلا أنه كان على العكس. ومن دراستنا لكلمة الله نجد أنه لم يحصل أحد على بركة الله دون أن يكون لديه شعور عميق بعدم الاستحقاق. فلقد قال الابن الضال لأبيه: «لَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا» ( لو 15: 21 ). والرسول بولس نفسه قال «أَنَا الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً لأَنْ أُدْعَى رَسُولاً» ( 1كو 15: 9 ). وقبلهما قال أبونا إبراهيم: «إِنِّي قَدْ شَرَعْتُ أُكَلِّمُ الْمَوْلَى وَأَنَا تُرَابٌ وَرَمَادٌ» ( تك 18: 27 ). وفي الحقيقة ما أهم التواضع في التعامل مع الله! قال النبي: «قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ، وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ، إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعًا مَعَ إِلهِكَ» ( مي 6: 8 ). وقال الرسول: «اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً» ( 1بط 5: 5 ).
ويستطرد القائد قائلاً ما معناه: ليس فقط إنني لا أستحق أن تدخل تحت سقفي، بل الأمر أيضًا لا يستحق منك عناء الوصول بنفسك حيث المريض. يكفي كلمة منك! أَ ليس هذا إيمانًا عظيمًا؟ والإيمان مهم جدًا في التعامل مع الله، لأنه أساس كل بركة، إذ «بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ (الله)، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ» ( عب 11: 6 ).
الكاتب: يوسف رياض
تم تحميل محتوى هذه الصفحة بالتعاون مع موقع طعام و تعزية